At LeQsaR - Amar Ouali

At LeQsaR   -    Amar  Ouali

Ahmed Medini

                                 الابطال                                                          الشهيد  البطل  احمد  ميدينى  من  مواليد الثلاثينات  بعين  بقرة .

ابن  الشهيد  الحسين  رحمه  الله

وطاوس   بودراف  رحمها  الله.

اخو الشهيدة  املعيد  بن  عقدى _( أخته  من أمه )_ رحمها  الله .

اخو  المجاهد  البطل حموش  أطال  الله  في  عمره .

اخو  المسبل  السجين  محمد أطال  الله في  عمره .

عاش  طفولته  في  فقر  وبؤس  شديدين  ككل  أبناء  قريته .

عندما بلغ من العمر حوالي ثلاثة عشر سنة انتقل إلى الجزائر العاصمة بحثا عن حياة ا فضل.وكان  يزور قريته  مرة   ا و مرتين  في  السنة  لأيام  معدودات .

قبيل  اندلاع  الثورة  التحريرية  ببضعة  أشهر  عاد  إلى  القرية  كالعادة  لقضاء  بضعة  أيام  مع  العائلة . ..في إحدى  الجلسات  العائلية  مع  عمته  فاظمة وابنتها  لآلة  يمينه  وزوجة  عمه  صالح  لآلة  فاظمة  قالت  لآلة  يمينه –مخاطبة  احمد :  أنت  الآن كبرت  مشاء  الله . أما آن الأوان كي تبنى بيتا وتستقر كغيرك  من  أبناء  عمومتك ؟.

لآلة  فاظمة : اختطفتها  من  بين  شفتي –لا فض  فوك-

عمته  : هيه .. صوابا قالتا يا ولدى –سأكون سعيدة يومها.

احمد: أين أجد تلك التعيسة التي تقبل بي زوجا، وأنا كما ترين –لا دار ولا دوار.

لآلة يمينه: وهل غيرك من أبناء العمومة أفضل منك حالا؟

ثم من قال لك أن البنت التي تتزوجك هي شقية ؟ لما لا تكون سعيدة ؟

احمد : من هذه السعيدة ؟ أهي موجودة ؟ لاشك أنها  مجنونة .

لآلة يمينه: هي موجودة وعاقلة..شابعة لعقل ..مؤدبة..ظريفة.

  خجولة..أنت  تعرف ججيقة ابنة  عمك  أسعيد  رحمه  الله .عمك أحسن زوجي  هو من تكفلها  ؛ وأنا التي  ربيتها .

عمته ولآلة فاظمة في آن : نعم الاختيار .

احمد : ججيقة...أترين أني أصلح  لها ؟

لالة يمينة : تصلح  لك  ؛ وتصلح  لها ..

احمد : والحسين ...من الذي يستطيع أن يكلمه في الموضوع ؟ من  الشجاع  الذي يجرؤ على فتح فمه أمامه ؟ - يقصد  والده –

لالة يمينة  : لماذا تقولون  على خالي الحسين مثل هذا الكلام ؟

هو ليس  كذلك ..انه طيب ..والله  طيب ..الناس  هم الذين لا يعرفون طباعه  فقط ..

(نعم  ..بابا  الحسين – رحمه الله- رجل طيب ..متدين إلى حد التشدد.. صارم  إلى حد  انه يتخذ قرارات  قاسية عند ابسط  الأخطاء ولاسيما  مع الكبار،أما مع الصغار فكان  متسامحا لحد التسيب )

لالة فاظمة : معك حق  يا و لدى  .. الحسين لا يقدر عليه احد إلّا  يمينه  .. أمينة سرّه .

عمته : وأمينة خزانته .(فضحك الجميع )

لالة يمينه : خالي الحسين ..دعوه لي..لا مشكلة.هل أنت  موافق ؟

لآلة  فاظمة: هل أزغرد ؟

احمد :ليس الآن ..حين ترتب لالة يمينه الأمور، وتحضّر للأجواء..... بعد  أيام  كانت  لالة  يمينه  قد  حضّرت ومهّدت لكلّ  شيء ، فتقدم  بابا  الحسين  ،وطلب يد  ججيقة من  عمها  أحسن  وفق  العادات  والتقاليد ..ولم  تمض  إلا  أيام  قليلة  حتى أقيم للعريس والعروسة  حفل  بسيط  ، لكنه بهيج أضفى على القرية  بهجة  وسرورا ، شارك فيه  جميع سكان  القرية نساء ورجالا ...بنات وبنين،الكل غنى ورقص .

لم تمض أسابيع قليلة حتى وصلت تباشير ميلاد الثورة التحريرية وتلاحقت الأنباء --   الثوار..الفدائيون..الحرية..الاستقلال. الخاوة ..الجهاد ..المجاهدون..العدو ..الاستعمار..المحتل ..الاحتلال – مصطلحات جديدة دخلت في قاموس لغة الأحاديث التي كانت

  تدور بين الناس، ولكن لا شيء على ارض الواقع في هذه القرية النائية..الرابضة  في أحضان  الغابة .. لا ثوار ولا نشاط نضالي أو فدائي—

احمد  قلق جدا  .. اليوم الموعود الذي كان ينتظره على أحرّ من الجمر قد وصل.. الرفاق هناك في العاصمة لاشك أنهم ينشطون في ميدان النضال   والفداء، وهو قابع هنا كالجبان .

– لا نامت أعين الجبناء – عليه   أن يحزم أمره ويقرّر قرار الشجعان.

آه .. ججيقة ..   إنها  عائقه الوحيد .. لابد أن يجد حلا..عليه أن يفكر.

فكّر ..ثم  فكّر إلى أن  أتعبه  التفكير .أخيرا  اهتدى إلى حل خطير.... أن يعطيها حريتها ( نعم يطلق زوجته ليتزوج القضية

يتزوج  الثورة التحريرية ) ولكن  كيف يبلّغ زوجته  وأهله  القرار الحاسم  دون إفشاء السر  . تردّد في البداية  ثم حسم أمره ونادي زوجته : ججيقة ..تعالي..اجلسي ..واسمعيني  جيدا

جاءت ججيقة وجلست قبالته : خير إن شاء الله .  

احمد : أنا  قررت أن أسافر ......

لاحظت  ججيقة  أن جبهته  ووجهه  يتصبّب عرقا فأدركت أن  في الأمر شيئا عسيرا يؤرقه  ، وأرادت أن تخفف عنه وقاطعته  قائلة : وهل في ذلك  بدعة ..كل الرجال يسافرون طلبا للرزق ؟

احمد: أنا أفكر فيك أنت..لا استطيع  آن اصطحبك ولا استطيع  تركك معلقة ....

ججيقة : احمد ... ما هذا الكلام  الذي تقوله ؟ هل طلبت منك شيئا؟

أنا لم و لن اطلب منك شيئا..أنا مستعدة كي آكل الحشيش أو أسف التراب..ثم والحمد لله  غابة " ايبوران" واسعة ..يمكننا أن نعيش على ازقيقو ( بذور الصنوبر ) يدي بيدك وهيا بنا إلى الغابة وسنكون اسعد خلق الله ..لا تحمل الهم يا ابن عمى ..

احمد: اسمعيني للآخر وافهميني...قلت لك  ..أنا مسافر وقد لا أعود أبدا..لذلك قررت  ا ن أعطيك حريتك ..لعلك تبنين حياتك من جديد بدل انتظار زوج لا يعود..فقط أرجو أن تسامحيني.

ججيقة : احمد..أرجوك   كف عن الكلام .. تتكلم كأنك ذاهب إلى الموت -- قالت ذ لك  و الدموع  الساخنة تتدحرج على وجنتيها -

احمد وهو يمد يده ويمسح دموعها : هذا لمصلحتك ..اقسم بالله انه لمصلحتك .

رفعت المسكينة رأسها ونظرت في عينيه فقرأت انه جاد في قراره ورضخت للأمر الواقع وقالت:إذن..هو قرار نهائي ..

احمد : نعم ..وأنا آسف جدا ..أنا مضطر لهذا ..واكرر :سامحيني.

ججيقة : أنت صاحب القرار ..افعل ما تراه  صوابا .

احمد : سأرافقك إلى بيت عمى أحسن . هيا ..

مد يده إلى قفة صغيرة فوضع فيها هندامه (سروال وقميص وكنزه ومعطف وضعه على كتفه ) .ثم قال : الباقي كله لك .

ججيقة :أتسافر اليوم ..إن شئت طلقني ولكن الغ سفرك ..ابق بيننا اقصد بين أبناء عمومتك.

احمد: لو كان الأمر كذلك والله ما فعلتها لكنني مضطر..فقط سامحيني .

في بيت عمى أحسن .. جلس احمد إلى جانب لالة  يمينه فجذب نفسا طويلة  ،واردفها بتنهيدة عميقة  ثم قال وهو مطرق  الرأس:  عمى أحسن ..أردت أن أبلغك باننى قد قررت السفر،وقد لا أعود أبدا .. لذلك رأيت انه من الحق أن امنح ججيقة  حريتها .

نظر عمى أحسن إلى ججيقة فوجدها مطرقة  برأسها إلى الأرض والدموع تنحدر على  وجنتيها  صافية كماء زلال ، ثم نظر إلى احمد نظرة متفحص فقال بهدوء : هل أساءت إليك في شيء ؟ هل ضايقتك أو أثقلت عليك فئ أمر ما ؟

احمد: لا ..يا عمى ..أبدا ..هي نعم المرأة كما تعرف ..المشكلة  عندي  أنا ..ضميري لم يطاوعني كي اتركها معلقة..فقط 

سامحني ، بل سامحوني كلكم .

عمى أحسن : اهو قرارك الأخير ؟ هل فكرت جيدا ؟

احمد : نعم ..

عمى أحسن: القرار قرارك، وأنت صاحبه،  افعل ما تراه صوابا، ثم أردف وهو ينظر إلى القفة:  أتسافر الآن ؟

احمد : إن شاء الله .

عمى أحسن: مع السلامة يا ولدى ..اهتم بنفسك .

نهض احمد مودعا وهو يردد..سامحوني ..  سامحوني ..ثم خرج.

عندما  دلف إلى الزقاق تفاجأ بنساء القرية  ينتظرنه ،وراح يقبل رأس هذه ..يصافح هذه ..يشير إلى تلك بيده  مودعا ويستسمح

 الجميع.

النساء توقفن عند آخر حارة من القرية ومعهن ججيقة ،  احمد كان

قد وصل إلى " لمصلى" ومعه لالة فاظمة وعمته فاطمة وبعض الرجال والصبية ... هناك توقف ،  وهم بعضهم أن يثنيه عن قراره لكن عمى أحسن حال دون ذلك قائلا : لا تحرجوه ..هو معذور ..ادعوا له بالخير .                                             قبّل احمد زوجة عمّه صالح ثم جلس القرفصاء، فحضن ابنها جمعه (كان إلى جانبها يرقب المشهد ) وقبّله على خده ثم على جبهته قائلا له : كن رجلا ..لا تعص أوامر أمّك ،،،استدار رافعا يمناه  إلى الأعلى ، أن الوداع ، فسار والى جانبه عمته ..ونظرات الخلق تشيعه زائغة حائرة..

بعد أن تجاوز" البور انتاله" واختفى في بداية"الدار ناث اعلى" أسرعتُ رفقة جمعه مختصرا الطريق إلى" صرا  اقاسى ولعيذ" هناك توقفنا نرقب المشهد ..عند حافة الغابة توقف للحظات .. قبّل عمّته ، ثم استدار..خطا بضعة خطوات فابتلعته الغابة  ،وعمته تشيعه ..أخيرا استدارت مقبلة نحونا..  يديها مشبوكتين على صدرها والدموع تنهمر على وجنتيها.

قد يقول قائل إنها قصة خيالية،، أقول له : سل صاحبة القصة  ما زالت حية ترزق ..هي من قصتها في ثاله والدموع تسيل من عينيها مدرارا إلى أن أبكت النساء جميعا   ،وبكيت أنا أيضا لبكائهن .. يومها لم أكن افقه معاني الكلمات ، لكن عندما كبرت فهمت مدا ليل الألفاظ واستوعبت الموضوع تعاظم حبي واحترامي لهما معا .

هكذا غادر احمد قريته دون أن يخبر أحدا عن وجهته. ترك أبناء عمومته يضربون أخماسا في أسداس ..  

والحقيقة انه سافر إلى الجزائر العاصمة ، والتحق برفاقه  في النضال وانخرط معهم في الأعمال الثورية بكل أشكالها حتى الفدائية منها إلى أن ضاقت مساحة التحرك للفدائيين بفعل الضغط الهائل الذي فرضه الأمن والجيش الفرنسيين ، كما اكتشف انه موجود على قائمة المطلوبين للأمن الفرنسي ، عندها قرر أن يلتحق بالجبل ... أن ينخرط في صفوف جيش التحرير مباشرة إلّا أن ذلك ليس بالأمر السهل؛( يومها جيش التحرير كان قد وضع الشروط والمقاييس التي يجب أن تتوفر في المنخرطين الجدد في صفوفه) ليس أمامه إلّا منطقته حيث أبناء عمومته ... توجه إلي جنينه علي أمل أن يلتقي هناك من يخبره عن أحوال قريته وأهلها هناك في جنينة التقي بحميد زيرى الذي ابلغه باستشهاد والده الحسين مع خليفي مولود "إمام الجامع " وكذا عمه أحسن، وعمه ارزقي ، وابن عمه أسعيد، وسماش السعيد ،ودحموني يوشيخ ،كما ابلغه بما آلت إليه قريته عين بقرة – هي الآن عبارة عن أطلال...    أحرقت ودمرت تماما بعد ترحيل سكانها، وصارت من المناطق المحرمة... وكذا عن تشرد سكان قرية أولاد عبد الله بعد تلك المعركة ، وهي الآن يسكنها "ايملاحن"  لأن الجيش الفرنسي لا يريد إخلاءها لقربها من الثكنة العسكرية – مسافة أربع مئة متر أو تزيد قليلا -  وابلغه أن اسر أخواله وأسرة أمه تسكن حاليا  في قرية تيقصراي .

عندها حزم أمره وقرر أن يتجه حيث أمه فاستقل قطارا نحو الشرق ... نزل في محطة "مايو "- أحنيف حاليا – وهو يحمل كيسا من الخيش مملوءا بالملابس والأحذية... عند الحاجز الثابت   

شك الجيش الفرنسي في أمره فاعتقلوه واقتادوه إلي ثكنة  مايو ... في الثكنة تركه العساكر قرب حراسة البوابة بعد أن وضعوا قيدا في يده وربطوه إلي غصن زيتونة  في انتظار إدخاله إلي غرفة التحقيقات  ... من حسن حظه أن سوار القيد قد وضع فوق كمّ ملابسه  ممّا مكّنه أن يتحرّر من القيد  بسهولة ، ويغتنم فرصة انشغال الحارس عنه فيتسلّق الشجرة متتبّعا احد أغصانها ويقفز خارج الأسلاك الشائكة  ويركض كالحصان الجامح محتميا بأشجار الزيتون ... تفطن الجيش الفرنسي لفراره فخرج صحبة الكلاب وفتش محيط الثكنة تفتيشا دقيقا لكن ذلك كان بدون جدوى لأن احمد كان قد أبلعته غابات إغزار أُومنشار ... في احدي الممرات الغابية نحو قرية تيقصراي بينما كان يمشي مسرعا تناهي إلي مسمعه صوت خافة يناديه : محمد ... محمد ،

توقف وراح يبحث عن مصدر الصوت .

الصوت ثانية : أنا هنا ... تعالي . .. العساكر أمامك في تيقصراي كالجراد .تقدم نحو مصدر الصوت بعد أن اطمأن إليه ... من قمّة إحدى التلال المشرفة علي قرية تيقصراي راح يراقب الوضع فيها

بعد أن تأكد من انسحاب جيش العدو دخل القرية ، وتوجه إلي بيت أمه واطمأن علي حالها وإخوته وكذا أحوال أخواله ثم ودع وتوجه إلي مركز قيادة جيش التحرير بالناحية رفقة احد المجاهدين ... المركز ليس بعيدا عن القرية مسافة ثلاثة او أربعة كلم فقط ... هناك وجد خبر فراره من ثكنة مايو قد سبقه إليهم وتعرفوا عليه أكثر ، بل تأكدوا من هويته  ومشاركته في الأعمال الثورية ، مما جعلهم يرحبون به جنديا في صفوف جيش التحرير الوطني ....

هكذا انتقل من العمل الفدائي داخل المدينة إلي العمل العسكري في الجبال         

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

      

 



20/07/2014
0 Poster un commentaire

A découvrir aussi


Inscrivez-vous au site

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 58 autres membres